شباب البصره

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى يهتم بكل ماهو يخص الشباب وكل شيء من الحياه


    فيلم - بورات - للاري تشارلس . . . من السخرية الوثائقية المُرتجلة الى التشويه المُتعَمد

    avatar
    ????
    زائر


    فيلم - بورات - للاري تشارلس . . . من السخرية الوثائقية المُرتجلة الى التشويه المُتعَمد Empty فيلم - بورات - للاري تشارلس . . . من السخرية الوثائقية المُرتجلة الى التشويه المُتعَمد

    مُساهمة  ???? السبت أغسطس 21, 2010 6:12 am

    ثمة مهم سؤال ينبغي اثارته غِب الانتهاء من مشاهدة فيلم " بورات " للمخرج الأمريكي لاري تشارلس مفاده: ما هي المتعة الفكرية أو الثقافية التي قدّمها المخرج لمشاهديه؟ وما هي المتعة البصَرية التي حظي بها المُشاهد من فيلم يمزج بين التقنيتين الروائية والوثائقية في آنٍ معاً؟ وللاجابة على هذين السؤالين لا بد من الوقوف على تصنيف هذا الفيلم كنوع فني له خصائصة وإشتراطاته الفنية التي تميزه عن الأجناس الفنية الأخرى. فقد اتفق بعض النقاد على تسميته بـ " Mockumentary " وهي كلمة منحوتة ومختزلة وتعني السخرية الوثائقية. وهي فن مرئي يجمع بين التوثيق من جهة، والسخرية من جهة أخرى. وهناك نماذج " مكيّومنترية " كثيرة تعرض على شاشات السينما أو التلفزيون هدفها امتاع المشاهد وتحقيق بعض الفائدة المرجوة بحسب طبيعة كل متلقي. غير أن فيلم " بورات " مناط بحثنا ودراستنا هو أنموذج مُستفز وخبيث وعدائي لأكثر من جهة. إن هذا التشخيص ليس نابعاً من موقف متشدد أو متعصب. فكاتب هذه السطور المتواضعة هو أبعد ما يكون عن أية أصولية دينية أو فنية أو ثقافية وما شابه ذلك. غير أن المخرج قد تعمد الاساءة الى أديان وأجناس وأعراق كثيرة، وسخر منها الى حد الطعن والقذف والتشهير بدءاً من اليهود، مروراً بالمسلمين، وانتهاءً بالمواطنين الأمريكيين البسطاء الذي وجدوا أنفسهم أمام مخرج وممثلين وتقنيين كاذبين أو متربصين يستغلون براءة المواطنين العاديين، ويتصيدون في المياه العكرة. لذلك فمن المستحسن أن نُطلق عليه تسمية " Seudo-documentary " والتي تعني السخرية الوثائقية المرتجلة التي تأتي من دون سابق تهيئة أو تخطيط. وحتى هذا النوع الذي يعتمد على السخرية والتهكم أو النقد اللاذع ضمن الحدود الأخلاقية المقبولة يجب ألا يُجرِّح بقناعات الناس الدينية والفكرية والثقافية. فكيف إذا كان الأمر مُبيّتاً والنوايا سيئة منذ البداية كما هو الحال في فيلم بورات؟ لا بد من تسليط بعض الضوء على عنوان الفيلم الذي جاء طويلاً بعض الشيء بهدف إثارة التهكم منذ البدء. فالعنوان هو " بورات: المعارف الثقافية الأمريكية لفائدة أمة كازاخستان المجيدة " من هنا نفهم أن المخرج أراد القول إن " أمة كازاخستان المجيدة " يجب أن تستفيد من المعارف الثقافية الأمريكية لأن هذه الأخيرة هي محور العالم وسيدته الوحيدة من دون منازع. قد يتساءل البعض عن السبب الرئيس وراء اختيار كازاخستان ثيمة لهذا الفيلم الذي يفترض أنه كوميدي، وساخر سخرية هادفة؟ هناك احتمالات عدة أبزرها أن هذا البلد قد انضم الى " منظمة شينغهاي للتعاون " وهذه المنظمة هي عبارة عن حلف بين روسيا والصين وقد ضم الى جانبه أغلب بلدان آسيا الوسطى وأهمها كازاخستان لأنها بلد نفطي ومُصدِّر كبير للغاز، فضلاً عن موقعها الجغرافي الذي يؤهلها للعب هذا الدور الخطير الذي لا ترتاح له أمريكا. لذلك فإن التحرشات بهذا البلد قد امتدت حتى الى الشاشة الكبيرة في محاولة للنيل منه، وطعنه في ثقافته وتقاليدة الاجتماعية لسبب واحد وهو مناهضتها للولايات المتحدة الأمريكية.
    الخلطة العجيبة
    لم يترك المخرج فرصة إلا واستثمرها لمصلحته الشخصية التي تتمحور مع الأسف حول فكرة التشويه المتعمدة التي تبناها ضمن سياق الفيلم الذي دُشنت افتتاحيته في قرية " كوسك " الكازاخستانية، غير أن واقع الحال يقول إن التصوير قد حدث في قرية غجرية في رومانيا، الأمر الذي أفقد الفيلم مصداقيته خصوصاً إذا كان جزء من الثيمة يعتمد على التوثيق. وفي المشهد الافتتاحي نشاهد مجاميع كبيرة من اليهود وهي تركض في أحد المراسيم الدينية. كما نشاهد بعض النساء وهنَّ يسحبن العربات بدلاً من الخيول أو البغال، ونرى بعض الحيونات داخل البيوت السكنية. هذه المشاهدة المسيئة هي التي استفزت بعض المسؤليين الكازاخستانيين ودفعتهم الى اعتبار الممثل ساشا بارون كوهين الذي جسّد دور " بورات " أول اعداء كازاخستان. كما وجهوا له الدعوة لزيارة كازاخستان كي يرى واقع الحال من كثب، ويقف بنفسه على حجم الاساءة التي اقترفها ضد الشعب الكازاخستاني. يعتبر بورات واحداً من الشخصيات الاعلامية المهمة في كازاخستان، ولذلك رشحته الدولة لزيارة الولايات المتحدة مع المنتج " أزمات باغاتوف " والذي لعب دوره الممثل الأمريكي كين دافيتشن لتسجيل برنامج تلفزيوني يصور الحياة الحقيقية للشعب الأمريكي بمختلف أجناسه وأديانه وأعراقه كي يستفيد منها بالنتيجة الشعب الكازاخستاني. وحينما يصل الى هناك تبدأ عمليات الاستغفال المتعمدة للناس الأمريكيين الذين يلتقيهم بورات وهو يتحدث بلغة انكليزية مضعضعة تذكرنا بشخصية " برونو " التي سبق أن جسدها ساشا كوهين. لم يترك بورات شيئاً معيباً إلا وأثاره أو سأل عنه أو فعله مثل الهوموفوبيا أو " رُهاب المثلية "، والتمييز العنصري، وعداء السامية، وازدراء الأديان وخصوصاً اليهودية منها لعل أبرزها طريقة فراره من تلك العائلة اليهودية الطيبة التي قدّمت له المأوى والطعام لكنه تركها هو وصاحبه وفرّا منها بطريقة مقرفة ومريبة متصورين أن العائلة قد تحولت الى مجموعة من الصراصير. وحينما يهربان يحاولان شراء مسدس يقتل اليهود تحديداً وليس غيرهم من الناس الذين ينتمون الى أديان أخرى. وحينما يعجزان عن شراء المسدس يقرران شراء خنزير يحميهما طوال الرحلة الطويلة التي انحرف مسارها من نيويورك الى كاليفورنيا لأن بورات وقع في حب الممثلة باميلا أندرسون وسعى بكل جهده لأن يقترن بها على الطريقة الكازاخستانية ولكنه حين يفشل في اختطفاها يعود الى بلاده بصحبة صديقته ليووينيل التي وجدت نفسها في قرية " كوسك " وسط أهله وأصدقائه وذويه وزوجته المطلقة التي تكيل له الشتائم حيثما تصادفه. تحدث بورات عن موضوع مساواة الرجل مع المرأة وأهان المرأة الكازاخستانية متنكراً للونها الذي لا يختلف كثيراً عن لون النساء الأمريكيات وربما هناك نساء كازاخستانيات أجمل بكثير من الأمريكيات أنفسهن. كما تناول موضوع الحرب على العراق ومواقف جورج بوش المعروفة خاصة حينما كان يتحدث بطريقة سمجة في أثناء تواجده في ملعب " الروديو " وغنائه للنشيد الوطني الأمريكي بمفردات كازاخستانية مصوراً أن كازخستنان هي أعظم بلد في العالم متهكماً منها ومن شعبها النبيل الذي يستحق أن يكون خارج اطار هذه اللعبة التهكمية الساذجة.
    تأثير نجومية الممثل
    لا شك في أن ساشا بارون كوهين هو ممثل ناجح بكل المقاييس ويتوفر على موهبة كبيرة في أن يتحدث بهذه اللغة الانكليزية المضعضعة وهو المولود في بريطانيا. وقد سبق له أن فاز بالأوسكار ورشح لنيل العديد من الجوائز العالمية المهمة. غير أن الموهبة والجوائز والتنويهات لا تكفي لوحدها ما لم يعتمد الممثل على قاعدة أخلاقية قوية تجعله ينتصر بالدرجة الأولى الى القيم الاخلاقية الحضارية التي تستجيب لشروط العصر ولانسانية الانسان. لقد عرفه المشاهدون في الغرب تحديداً من خلال ثلاث شخصيات رئيسة وهي " علي جي " و " برونو " و " بورات " إضافة الى شخصيات أخرى كما هو الحال في أدائه الصوتي للفيلم الكارتوني الناجح " مدغشقر ". ويبدو أن فيلم " بورات " قد حقق هذا النجاح غير المسبوق بسبب شهرة ساشا كوهين الذي استفز الآخرين عبر جرأته تارة، وعبر مواقفه الاستفزازية تارة أخرى. كما لعب الجانب الجنسي دوراً كبيراً في وضع الفيلم على الحافة الحرجة التي تريد أن تقول أشياء كثيرة مسكوت عنها مثل العلاقة بين الأب والابن العاري الذي لم يضع حتى ورقة التوت على عضوه التناسلي، بل أن هذه الصورة الفاضحة أصبحت مادة للحوار بين بورات الذي قدِم من كازاخستان وبين سيدة أمريكية تعلمه على الأتيكيت الغربي وكيفية التعامل مع الناس المعتبرين في الحفلات والأمسيات الخاصة. وعلى الرغم من الايرادات الفلكية التي حققها هذا الفيلم إلا أنه يظل فيلماً هزلياً عادياً لا يخرج عن إطار النكات السمجة والعري الذكوري البذيء الذي لا مبرر له.



      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 2:49 am