شباب البصره

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى يهتم بكل ماهو يخص الشباب وكل شيء من الحياه


    جابر الجابري يتحدث عن الثقافة العراقية في مخاضها العسير

    avatar
    ????
    زائر


    جابر الجابري يتحدث عن الثقافة العراقية في مخاضها العسير Empty جابر الجابري يتحدث عن الثقافة العراقية في مخاضها العسير

    مُساهمة  ???? السبت أغسطس 21, 2010 6:14 am

    أقامت الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية في لندن ندوة ثقافية للأستاذ جابر الجابري، الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة حيث التقى بعدد من أساتذة الجامعة المذكورة مع نخبة من المثقفين العراقيين المقيمين في المملكة المتحدة. وقد أدار الندوة الدكتور ابراهيم العاتي حيث قال في معرض تقديمه " كلكم يعرف جيداً أن الأستاذ جابر الجابري قد باشر عمله في الوزارة في ظروف صعبة ودموية، ولا يكاد نزيف الدم يهدأ وخاصة للمثقفين العراقيين. فبالأمس القريب ودَّعنا مثقفاُ كبيراً هو الاستاذ كامل شياع " يرحمه الله " الذي اغتالته يد الغدر والخيانة. كما تعرّض أغلب الرموز الثقافية الى مثل هذه المحاولات الدنيئة ومنهم الأستاذ جابر الجابري الذي تُشن ضده حرب نفسية لأنه يسير في طريق الجهاد، وطريق تنقية الثقافة العراقية مما ألمَّ بها من فساد. " وأضاف العاتي قائلاً: " صحيح أن الحياة الأدبية قد أفسدت بالمدائح والأموال في مراحل مختلفة من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث، لكنه لم يصل بهم الحال الى درجة الإفساد المشوبة بالعنف، وتكميم الأفواه وخاصة في فترة الحصار الاقتصادي حيث كان العراقيون يموتون بسبب الجوع وسوء الرعاية الصحية، بينما يتباكى النظام السابق على عدم توفر أقلام الرصاص، وبعض الأدوية الخاصة بالأطفال، في حين كان يغدق على بعض المثقفين العرب بكوبونات النفط سيئة الصيت والسمعة " واختتم الدكتور العاتي تقديمه المقتضب فاسحاً المجال للأستاذ جابر الجابري أن يتحدث للحضور عن واقع الثقافة العراقية في الوقت الراهن، وعمّا يمكن أن تقدمه للمثقفين العراقيين في الداخل والخارج، خصوصاً وأن الجامعة العالمية تبذل قصارى جهدها لكي تحافظ على هوية الجاليات العربية والاسلامية في المهاجر والمغتربات، ولكي لا تنصهر كما انصهرت أجيال عربية في بلدان أمريكا اللاتينية.
    رموز نظيفة وواجهات بيضاء
    استهل الأستاذ جابر الجابري حديثه بالثناء على الجامعة العالمية وما تبذله من جهود كبيرة في هذا المغترب لتقريب المسافات بينها وبين فكرنا وثقافتنا ومشروعنا الانساني الكبير في العراق حيث قال: " فرصة طيبة أن نلتقي ونتحاور لكي تتلاقح الأفكار والرؤى في هذه المرحلة الاختبارية الصعبة التي نمر بها جميعاً في العراق حيث لم يمر أي شعب أو بلد أو مجتمع بهذه التجربة المريرة القاسية التي يخوضها شعب من أعرق الشعوب في العالم علماً وفكراً وحضارة. وكان ولا يزال رائداً حتى هذه اللحظة وهو جريح على المذبح." اقترح الجابري على النخبة العراقية والعربية الحاضرة من الأكاديميين والاعلاميين أن يكون عنوان محاضرة هو " الثقافة العراقية في مخاضها العسير اليوم ". وقد وصفَ القائمين على هذا المشروع بأنهم " خدّم وحَمَلة لهذا المشروع الثقافي المهم " وهو توصيف دقيق ينم عن تواضع العارفين والمخلصين للثقافة العراقية. ثم أشار الى التحديات التي يعاني منها حَمَلة هذا المشروع بوصفهم أصحاب المصلحة الحقيقية، وما يحملونه من همٍ وقلق كبيرين على المشروع الثقافي العراقي. ومضى الى القول " أنتم تعرفون الخمسة وثلاثين سنة الماضية التي أحكَم فيها الحزب الواحد والقرية الواحدة والصنم الواحد قبضته على هذا البلد، وحوّله الى بيئة موحشة مقفرة، لأنه أُريد لهذا البلد أن يُفرّغ من محتواه الانساني وأن يُجرّد من العلم والمعرفة والأدب والفن والعقل والفكر. لقد خطط النظام السابق خلال ثلاثة عقود ونصف العقد بطريقة مدروسة ومبرمجة للاطاحة بكل مقومات المجتمع العراقي، وتفريغه من عناصر القوة والارادة والوعي والعقل والفكر ليتحول الى مجموعات تساق داخل العراق وخارجه الى المجازر الكبرى والى جبهات القتال في شرقي البلاد وجنوبها. " وفي السياق ذاته أشار الجابري الى وجود أعداد هائلة من الناس وصفها بأنها " خالية من كل العناوين البشرية والانسانية " لأنها كانت تدعم النظام السابق، وتعزز وجوده، ولا تجد ضيراً في أن تُخيف الناس البسطاء وترعبهم، وتصادر ارادتهم ووعيهم وفكرهم. " وأكد الجابري " بأن هذه المجاميع الكبيرة لا تزال فاعلة في داخل الأوساط العراقية وفي خارج العراق أيضاً". أكد الجابري بأن الكفاءات العلمية والأكاديمية والثقافية العراقية مستهدفة من قبل هذه المجاميع " البعثية " الهائلة لأنها " تمثل أعمدة النور والمصابيح الوهاجة التي يلتف حولها الناس، وتُقبل عليها الأبصار والأذهان. وأن كسر هذه المصابيح واطفائها سيُخلي لهم الساحة، وسيُفرغها من عناصر الكشف والاشارة الى مصادر الجريمة ". انتقد الجابري المعارضة العراقية قبل مرحلة انتقالها الى السلطة وصناعة القرار حيث وصفها بأنها " لم تكن مستكملة لشروطها " وقال: لا بد من الاعتراف بوجود أفراد وشخصيات معارضة لكنها لم تنتظم في حلقات معارِضة صحيحة وسليمة. ثم عرّج في حديثه على دخول أمريكا بوصفها الطرف الأقوى في العالم والذي ساهم في حل المشكلة وفقاً لما تقتضيه مصالح هذا المحور الأكبر في العالم، ولم تأخذ أمريكا بنظر الاعتبار مصالح المستضعفين والمحرومين في العراق. وأن أمريكا حينما قدمت بعض الشخصيات المهمة الى الواجهة مثل السيد السستاني أو عزيز الحكيم أو محمود الجعفري أو أبو اسراء المالكي لحرق أوراقهم ولاقحامهم في هذا المأزق ولادخالهم في الفترة الاختبارية الصعبة غير المؤهلين لها. لم تُستكمل أغلب شروط هذه التجربة خلال السنوات الخمس الماضية لذلك انقسمت عناصر الجريمة في الداخل والخارج، كما أعطيت لها مظلة داخلية وخارجية لأن تنقسم الى قسمين، قسم يدخل ما نسميه بالعملية السياسية لينسفها من الداخل، وقسم يخربها من الخارج، وهناك مليون وثلاثمئة ألف يعثي مفرغون للعبث والتخريب " وقد ميّز الجابري بين نوعين من البعثيين، " فهناك البعثيون الوطنيون والشرفاء والذين تحولوا الى ضحايا وشهداء بسبب وحشية السلطة. وهناك البعثيون المجرمون الذين ارتكبوا جرائم كبيرة بحق الشعب العراقي، وهؤلاء هم الذين أسهموا في تحويل الحزب الى عصابة ومافيا كبيرة، ولم يعد حزب البعث حزباً عقائدياً أو سياسياً، وانما تحوّل الى شِلل وعصابات تقوم الواحدة بمراقبة الأخرى لتدعم الصنم وتحفظ مقامه ". أشار الجابري الى " أن العملية السياسية واجهت عداءً خارجياً مطلقاً، وتخطيطاً مبرمجاً للاطاحة بالرموز النظيفة والواجهات البيضاء من أجل تشويهها والتشويش على دورها وقدراتها وامكاناتها في ادارة الدولة. كما حاولوا ابرازها كقوة فاشلة عاجزة عن ادارة الدولة وما يعترضها من أزمات كثيرة. غير أن المخطط قد فشل، والحمد لله، فشلاً ذريعاً. " ومثلما اعترف الجابري بضعف المعارضة العراقية قبل مرحلة سقوط النظام فانه " يعترف الآن بوجود رجالات دولة أثبتوا جدارتهم وقوتهم ولياقتهم في تخطي الأزمات ومواجهة العدو الداخلي المقنّع الذي دخل العملية السياسية، والعدو الذي أسفر عن وجهه في الخارج بعد أن وقفت وراءه قوى ومنظمات ودول كبيرة قدمت له مختلف اشكال الدعم والمساندة. " واشاد الجابري بالفئة القلية التي صمدت وثبتت ورابطت في مواقعها على الرغم من فداحة هذه التجربة وعظمتها وفرادتها. ويجب على التاريخ أن يحفظ لهذه الفئة القليلة دورها المشرِّف. وانتم كأكاديميين ومثقفين ومتابعين للمشهد السياسي تراقبون بدقة هذه الفصول المرعبة، والمشاهد اليومية المؤلمة التي يمر بها الشعب العراقي. "
    ثقافة الخوف والاستلاب
    توقف الجابري مطولاً عند " ثقافة الخوف والاستلاب والتخريب، اذ نجح النظام السابق في تحويل الناس الى مجرد هياكل بشرية مُفرَغة من محتواها الانساني، بل أنه كان يسوقها بالعصي والهراوات ". وفي لقاء للجابري مع قناة الـ " أل بي سي " قال " إن مشكلتنا الحقيقية ليست مع المقابر الجماعية، وهي أكبر جريمة أُرتُكبت في العصر الحديث، وإنما مع المقابر المتحركة من الناس الفاقدين لانسانيتهم. كيف نتعامل مع هؤلاء الناس؟ وكيف نحوّلهم الى أخوة وأصدقاء؟ ومَكمن الصعوبة هو في عدم وجود لغة تفاهم وأرضية مشتركة بين الطرفين. " أما عن الخطر الحقيقي الذي واجهته وزارة الثقافة والاعلام فقد أكد الجابري على صعوبة الواقع المؤسي الذي كانت تعاني منه الوزارة ولكن اصراره على المضي قُدُماً كان أكبر من المحاولات المثبطة للعزيمة للمجاميع الشريرة المشار اليها سلفاً حيث كان يردد مع نفسه هذا البيت الشعري الذي يقول " سأحملُ روحي على راحتي / وأرمي بها في مهاوي الردى / فاما حياة تسر الصديق / واما ممات يغيظ العدا ". يؤمن الجابري بضرورة تحدي هذا الظلام الزاحف، ومواجهة الغسيل الشامل للأدمغة العراقية. ويرى ضروة ملحة في اعادة التوازن الى العقل العراقي . كما شدد على أهمية تحويل ثقافة الخوف الى ثقافة أمان. وتنمنى على الحضور من ذوي الاختصاص الى بحث ودراسة أسباب الخوف الذي ترسخ في الشخصية العراقية خلال حقبة النظام السابق. وما هي السبل الناجعة للتخلص من هذه الظاهرة التي لا تليق بالشعب العراقي الأصيل. تساءل الجابري عن السر الذي يدفع أُماً عراقية لأن تحزِّم ابنتها اليافعة بحزام ناسف وتدفعها لأن تفجر نفسها في احدى الأمكنة المكتظة بالمحافظة؟. ثم تساءل قائلاً: هل رأيتم أو سمعتهم عن الجثث التي كانت تُلقى في نهر دجلة يومياً مقطَّعة الرؤوس ومشوَّهة الملامح وكأنهم يبعثونها كرسائل الى ضفاف دجلة والى كرخها ورصافتها؟" عاد الجابري الى عام 1968 عندما جاء البعثيون الى السلطة بانقلاب عسكري وأول ما ابتدعوه هو " أبو طبر " الذي قتل بطريقة بشعة خمسة عوائل في بغداد ليبث الرعب في قلوب أبنائها. لقد هزموا بغداد بقتلهم الشنيع لهذه العوائل البريئة، ولا أقصد الاطلاق في الهزيمة، فليس هناك شيء مطلق. ما أعنيه أنهم اشاعوا الخوف، وبثوا الرعب في قلوب المواطنين." توقف الجابري عند طبيعة الرعب الذي استوطن قلب والدته حينما أُستُدعيت الى المسلخ البشري في مدينة النجف لتبحث عن ولديها بين الجثث المعلقة، لكنها انهارت ولم تتحمل المنظر المؤلم لجثث الضحايا المعلقة بالمقلوب تماماً كما تعلَّق الخرفان المذبوحة في المسالخ! ثم اشترطوا عليها ألا تتكلم وتبوح للناس الآخرين بما رأته من مشاهد مرعبة لا يصدقها العقل. وعلى الرغم من الخوف الذي تأصَّل في عدد كبير من الشخصيات العراقية، وعلى الرغم سياسة التخويف المتبعة كمنهج دائم " الا أن ما يمتاز به الفرد العراقي، مع كل الاحترام للأخوة والاشقاء العرب وغير العرب، هو وجود عناصر قوة وتحدي خارق في شخصيته. ونحن نراهن على هذه القوة الداخلية، ونحاول أن نبلورها، ونبذل كل ما بوسعنا لتشخيص هذه المعادن الأصيلة المكوِّنة لها، لأننا يجب أن نرسخ المعدن الأصيل لكي تزداد العناصر الفلزية الموجبة في الشخصية العراقية ونصرفها الى البناء واعادة الاعمار. " وقد ساق الجابري مثالاً ملحوظاً لهذه القوة الخارقة حيث قال " كلكم يعرف أن بغداد هي أقل أمناً من بقية المحافظات العراقية، لكن ثبات الناس، نساء ورجالاً، يبعث على الفخر والاعتزاز. فكيف تفسر خروج المرأة العراقية كل يوم الى الشوارع المكتظة بالمارة وهي تعلم علم اليقين بأن هناك سيارة مفخخة بين كل عدد محدد من السيارات، لكنها تمشي هي وأطفالها في الشارع بكل ثقة بالله وبنفسها " وطالب الاساتذة والأكاديميين العراقيين المتخصصين في حقل علم النفس دراسة هذه الظاهرة للوصول الى نتائج علمية يقبل بها المنطق. ثم أعاد الجابري الى الأذهان واقعة اسقاط الصنم في ساحة الفردوس وقال أن الذين سحلوا رأس الصنم هم أطفال العراق الذين ولدوا في ذروة وحشية النظام وقسوته، وكان صدام لا يزال حياً ومختبئاً، لكن الأطفال العراقيين تحدوا الطاغية وسحلوا رأسه في شوارع بغداد."
    بناؤ البشر قبل بناء الحجر
    أكد الجابري على مسألة مهمة جداً اختصرها بجملة شديدة التركيز مفادها " بناء البشر قبل بناء الحجر " فاذا كان الانسان مهدماً من داخله، ومهزوماً في أعماقه فانه لا يستطيع أن يبني مؤسسة ادارية أو كياناً سياسياً أو بلداً مقوضاً. كانت الساحة الثقافية من وجهة نظر الجابري ساحة مهزومة ومثلومة وخائفة لذلك حاول الجابري وبقية القائمين عليها خلال السنوات الخمس الأخيرة أن يكهربوا هذه الساحة ويصعقوها لكي يضعوها أمام مسؤولياتها الحقيقية وينقّونها من الشوائب الكثيرة التي علُقت بها. اختتم الجابري حديثه بالقول إن مسؤولية وزارة الثقافة لا تقتصر على الوزير أو الوكيل الأقدم وبقية الكوادر العاملة في الوزارة لأن الثقافة العراقية هي ارث كبير يحمله كل أبناء الشعب العراقي في داخل العراق وخارجه. وطالب الجامعات والمراكز والمؤسسات الثقافية العراقية في الخارج أن تسند وزارة الثقافة وتؤازرها من أجل تعزيز المنجز الثقافي العراقي وتقديمه الى العالم بأنصع وجه. وفي ختام الندوة أثار الحاضرون عدداً من الأسئلة المهمة من بينها سؤال د. نوري لطيف عن كيفية عمل الجابري مع وزير قاتل مشيراً الى أسعد الهاشمي الذي صدر بحقه قرار الاعدام قبل بضعة أيام. كما أثار كاتب هذه السطور سؤالاً عن ضرورة العناية بالثقافة البصرية وبالذات في الحقل السينمائي وفق خطة مدروسة وممنهجة. وطالب الدكتور علي حنوش بوضع خطة لعودة المثقفين واستثمار الكفاءات العراقية المبثوثة في المنافي الأوروبية والأمريكية. أما الدكتور عبد الحسن الساعدي فقد دعا الى استئصال ثقافة الخوف واستبدالها بثقافة الرجولة خشية على السياسة من أن تتلون بلون الخوف. اما الدكتور حميد الهاشمي فقد تساءل عن ضرورة وجود مشروع ثقافي كبير لتحسين الذائقة وطرح قيم ومفهومات جمالية بعيداً عن الفئوية والطائفية والنزعة القومية ذات النبرة الشوفينية المتعالية. كما دعا الى ترسيخ النزعة الوطنية وتنمية الهاجس الانساني للمواطن العراقي الذي يعيش في ظل الظروف والمتغيرات الجذرية الراهنة.


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 12:55 pm